من المؤكد أنك سمعت عن ChatGPT في مكان ما على السوشيال ميديا، فمنذ إطلاقه في نوفمبر 2022م وهو يتصدر قوائم التريند وعناوين الصحافة العالمية.
الجميع يتحدث عن إمكانياته المتطورة واستخداماته المتنوعة، من إجابة الأسئلة البسيطة إلى حل المعادلات الرياضية وتأليف القصائد وغيرها من الاستخدامات التي أدهشت ملايين المستخدمين وأثارت قلقهم في آن واحد.
فـ ChatGPT من الإبتكارات الثورية التي من المتوقع أن تُحدث قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، و يجعل ما كان يعتبر يوما خيالاً علمياً حقيقة.
ما هو ChatGPT ؟
ChatGPT هو الإصدار الأحدث لتشات بوت أو روبوت الدردشة، تم تطويره من قبل مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي OpenAI في سان فرانسيسكو، و قد استطاع أن يصل إلى مليون مستخدم خلال أسبوع واحد فقط من إطلاقه.
ببساطة هو برنامج مصمم لمحاكاة المحادثات البشرية مع المستخدمين، وهو قادر على التفاعل وتقديم ردود قريبة بشكل مدهش إلى الردود البشرية.
تعتمد هذه التقنية على النموذج اللغوي GPT-3.5 الذي يعتبر النسخة المطورة والنموذج الثالث في سلسلة GPT-n التي تم إنشاؤها أيضًا من طرف نفس المختبر.
يستخدم ChatGPT آلية التعلم العميق لإنتاج نص يشبه النص البشري إلى حد بعيد، فجودة النص الذي تم إنشاؤه بواسطة GPT-3.5 عالية جدًا، لدرجة أنه قد يكون من الصعب تحديد ما إذا كان قد كتبه إنسان أم لا.
وصف الفيلسوف الاسترالي ديفيد تشالمرز هذه التقنية بأنها ” أحد أكثر أنظمة الذكاء الاصطناعي إثارة للاهتمام التي تم إنتاجها على الإطلاق “.
” ChatGPT “ يملك النموذج اللغوي الأكبر والأكثر تقدمًا الذي تم تطويره حتى الآن، مع قوة معالجة وأداء أكبر من سابقاتها.
نبذة عن شركة OpenAI المطورة لـ ChatGPT
تم تطوير تشات GPT من قبل شركة OpenAI، وهي عبارة عن مختبر أبحاث ذكاء اصطناعي، تأسست شركة OpenAI في سان فرانسيسكو عام 2015 بميزانية بلغت 1 مليار دولار قدمها المدير التنفيذي سام آلتمان وإيلون ماسك وغيرهم من المساهمين.
تجري الشركة أبحاثها في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف تعزيز وتطوير هذا المجال بطريقة مفيدة للبشرية. وتتعهد الشركة بنشر أبحاثها وآخر إبتكاراتها للجمهور إيمانًا منها بأن الشركات العملاقة يجب ألا تحتكر التطور التكنولوجي التقدمي. وللمفارقة أن ChatGPT ليس أول ابتكارات شركة OpenAI، فقد سبق و قامت بتطوير العديد من التطبيقات غيره وأهمها:
Dall-E : هي أداة لإنشاء الصور الرقمية اعتمادًا على صور واقعية… قد أذهلت دقة النتائج التي قدمتها وجودتها المستخدمين.
CodeX : تخيل أن تتمكن من برمجة موقع أو لعبة في دقائق وبدون كتابة أي سطر برمجي بنفسك… هذه التكنولوجيا تمتلك نظام يقوم بتحويل اللغة الطبيعية إلى لغة برمجة كـ Python وغيرها من اللغات.
- أهم مصطلحات ChatGPT
1. التعلم العميق (Deep Learning) : هو أسلوب تعلم آلي يمكن أجهزة الكمبيوتر من التعلم والتحسن من تلقاء نفسها، ويعتمد في ذلك على الشبكات العصبية الاصطناعية المصممة لتقليد طريقة تفكير البشر وتعلمهم.
2. تشات بوت (Chatbot) : أو روبوت الدردشة هو برنامج حاسوبي مصمم لغرض محاكاة محادثة باللغة الطبيعية، حيث يتعامل مع أنماط معقدة لتحليل اللغة وفهم السياق، وبالتالي تقديم إجابات تشبه الأسلوب البشري إلى حد بعيد.
3. GPT-3.5 (Generative Pre-trained Transformer) : هو نموذج لغة توليدي يعتمد على بنية “المحولات”… هذه النماذج قادرة على معالجة كميات كبيرة من النصوص وتعلم أداء مهام معالجة اللغة الطبيعية بشكل فعال للغاية.
نموذج GPT-3، على وجه الخصوص؛ يبلغ حجمه 175 مليار معلومة، مما يجعله أكبر نموذج لغوي تم تدريبه على الإطلاق.
4. اللغة الطبيعية (Natural Language) : يقصد بها اللغة التي يستعملها البشر، وهي تجسيد للإدراك البشري والذكاء البشري و بالتالي تختلف عن لغة الآلة.
- كيف تم تدريب ChatGPT ؟
درب المبرمجون ChatGPT باستعمال التعليم المعزز، وهي تقنية تستعمل لتطوير وتعليم الذكاء الاصطناعي من خلال التفاعل مع بيئته المحيطة.
وعلى أساس هذا التفاعل يتعلم الروبوت القيام بالأفعال التي تحقق المكافأة الأكبر تمامًا كما يتعلم الطفل، لكن بذاكرة مثالية و مصادر لا نهائية من المعرفة.
- يمكن تلخيص ذلك كالآتي :
المرحلة الأولى التعليم بالإشراف : تم تزويد النموذج بالعديد من المحادثات، حيث لعب المطورين فيها الدورين معًا (دور المستخدم ودور الروبوت).
المرحلة الثانية التعليم المعزز : تمت تصنيف إجابات ChatGPT، وتقييمها بناءًا على نظام المكافأة.
أخيرًا : إعادة إدخال الإجابات بعد تصحيحها وتقييمها ليكون النموذج قادرًا على تحسين إجاباته لتتناسب مع تفضيلات المدربين أو التفضيلات الشخصية للمستخدمين، وذلك لتعزيز أنماط الحوار بطريقة تشبه طريقة البشر.
تم تدرب روبوت ” ChatGPT “ على التعرف على هذه الأنماط من مجالات مختلفة وضخمة من النصوص المأخوذة من الإنترنت، بحجم قاعدة بيانات يتجاوز 570 غيغابايت. وبمساعدة بشرية ليقدم محادثة أفضل وحوارًا أكثر فائدة مع البشر.
قد تبدو الإجابات التي تحصل عليها مقنعة وحتى موثوقة، لكنها قد تكون إجابات خاطئة تمامًا ومضللة، وهذا ما تحذر منه الشركة المصنعة نفسها.
فما يميز هذا النموذج وهذه التكنولوجيا عن غيرها؛ هو أنها تستمر في التعلم بشكل لا ينقطع مع تحسين فهمها للأسئلة باستمرار لتصبح يوماً ما الجهة التي تعرف كل شيء عن كل شيء.
- استخدامات Chat GPT
لا تقتصر مهام ChatGPT على تقديم الإجابات وحسب، بل تمتد لتشمل شريحة واسعة من الاستخدامات نذكر بعضًا منها:
1. إنشاء المحتوى : حيث يتيح كتابة نصوص متماسكة بشكل جيد وسليمة لغويًا إلى حد ما حول أي موضوع تطلبه وبالأسلوب الذي تفضله. بالإضافة إلى كتابة الملخصات وتأليف القصص والأغاني، كما يستطيع كتابة وصف لمنتجات و إعلانات تسويقية.
2. ترجمة النصوص : هذه الخدمة ليست بجديدة فكثير من التطبيقات تؤدي هذا الدور بالفعل، لكن ما يميّز ChatGPT هو قدرته على إنشاء ترجمات دقيقة تحافظ على السياق. ربما لا يمكننا بعد الاعتماد عليه وحده لترجمة الكتب والمراجع، لكن بلا شك سيسهل عمل المترجمين.
3. إنشاء العناوين الرئيسية : سواء للمواقع أو المقالات الإخبارية، ويمكن أن يكون هذا مفيدًا للصحفيين أو المواقع الإخبارية.
4. إنشاء استجابات chatbot : إنشاء استجابات لبرامج الدردشة الخاصة بخدمة العملاء، والتي تُستخدم لمساعدة العملاء في استفساراتهم.
5. يساعدك على المذاكرة : إذا كنت طالب سيساعدك الموقع على حفظ المعلومات بطريقة فعالة. فقط ألصق النص الذي تريد حفظه وأطلب منه تحويله إلى مجموعة أسئلة، ما يجعل المذاكرة بهذا الشكل تفاعلية أكثر و يُسهل الحفظ.
6. كتابة الأكواد : سواء كنت مبرمج أو تنوي تعلم البرمجة تشات سيساعدك على كتابة الأكواد وتصحيح الأخطاء لحل مشكلة ما. فقط حدد لغة البرمجة ونوع المشكلة وهو سيتكفل بالباقي.
7. مناقشة مسائل رياضية : تقديم حلول مفصلة لها، بالاضافة الى تبسيط و شرح المعلومات المعقدة بقالب سلس وسهل الفهم
لقد شارك كثير من المستخدمين تجاربهم مع ChatGPT، فمنهم من طلب منه تأليف سكريبت لفيديو يوتيوب أو أغنية حول موضوع معين أو حتى لكتابة المقالات الجامعية. بينما خاض البعض معه نقاشات فلسفية لساعات دون أن يتوقف أو أن يكرر نفسه، والقائمة تطول و تطول.
الجدير بالذكر أن البرنامج يمتنع عن الإجابة على الأسئلة عندما تشكل الردود نوعًا من الخطر سواء للسائل أو للمجتمع بوجه عام، ويتوقف حينها عن المساعدة في مثل هذه الطلبات الخطرة، بل إنه يوقفك عن طرح مزيد من الأسئلة بشأن تلك الموضوعات الضارة.
لكن كثير من المستخدمين وجدوا طريقة للتحايل عليه من خلال كسر الحماية (Jailbreak) باستخدام تقنيات هندسية (Prompt engineering) متنوعة. فنجحوا بتجاوز هذه القيود و دفع التطبيق مثلًا إلى تقديم ردود تحريضية على العنف أو تقديم أراء عنصرية حول جماعة من الناس. لهذا السبب في الحقيقة ذكرت الشركة أن هذه النسخة من التطبيق هي نموذج تجريبي قيد التطوير، لذلك لا تخلو من الأخطاء، لكنها قامت بإطلاقه رغبة في معرفة آراء المستخدمين وتقييماتهم لكي تتمكن من تحسينه.